تبرز أهمية مكتب الشؤون الدينية من حيث الحاجة الماسّة للجاليات الاسلامية المتوزعة في القارتين الأوروبية والاميركية الى من يقّدم لها المشورة الفقهية، ويجيب عن المسائل التي يستفتي عنها أبناء هذه الجالية الذين يطلبون رأي الشريعة في القضايا التي تواجههم أو التي تثار أمامهم.
لقد كانت هذه الحاجة هي التي دفعت الإمام الخوئي (قده) الى اعطاء اولوية لايجاد الوسيلة التي يمكن بواسطتها تغطية حاجات المسلمين في شرق المعمورة وغربها في ما يتعلق بالمسائل الاعتقادية والفقهية والفكرية والاجتماعية. وليس من المبالغة القول أن هذا المكتب قد وفّق الى حد كبير ـ وبفضل الله تعالى ـ لسّد الفراغ وتلبية الحاجات. وتغطي نشاطات هذا المكتب جوانب متعددة، لا توفرها الكثير من المراكز الاسلامية الأخرى، التي وان كانت تقدم خدمات مشابهة إلا أن اهتمامها ينحصر غالباً بجالية معينّة، مما يجعلها مقصورة في خدماتها على أبناء تلك الجالية فقط، في حين أن مؤسسة الإمام الخوئي الخيرية تهدف وتبذل كل جهودها من أجل خدمة المسلمين عموما بغضِ النظر عن جنسيتهم أو قوميتهم.
ففي الجانب الفقهي، مثلا، فان المكتب يتلقى يوميا عشرات الاستفسارات باللغات العربية والفارسية والانكليزية، عن طريق البريد أو الفاكس أو الهاتف أو الايميل، لبيان الحكم الشرعي في الوقائع المبتلى بها، من قبل الافراد مباشرة أو من قبل المراكز.
ومن النشاطات التي ترتبط بهذا المكتب إجراء عقود الزواج أو الطلاق، وإصدار الوثائق التي تثبت ذلك. وبما أن للمؤسسة صفة رسمية حسب قوانين البلد، فان المكتب قد يجري العقد مباشرة ويوثقه، وقد يصدر وثيقة بالعربية أو الانكليزية للمصادقة على عقود أجراها السادة العلماء ورجال الدين المعتمدون، لكنهم يفتقدون الصفة الرسمية. وتشير ملفاتنا الى كثير من الحالات، لمصادقة العقود أو غيرها من الوثائق لدى وزارة الداخلية، وادارة الهجرة، وسفارات الدول الاسلامية وغير الاسلامية لما يصدر من هذا المكتب. كذلك يقوم المكتب بحل الخلافات والنزاعات الاسرية والاجتماعية التي تصادف العائلة المسلمة في هذه البلاد.
ونظرا لكون الحج ركناً أساسياً من أركان الاسلام، وجب على المسلم المستطيع أداءها، فان مكتب الشؤون الدينية يتولى سنويا بيان مسائل الحج، وتوضيح المناسك للجاليات المختلفة، حيث يقوم المكتب بعقد ندوة موسّعة لشرح المناسك للإخوة والأخوات العرب والمسلمين عموما المتجهين الى بيت الله الحرام من بريطانيا، مع عرض "سلايدات" والاستفادة من وسائل الايضاح، كما تعقد ندوة مماثلة للناطقين باللغة الانكليزية للحجاج الناطقين بغير العربية.
كذلك قام مكتب الشؤون الدينية في لندن بعقد نوعين من الحلقات الدراسية:
١ـ تدريس الفقه والاصول: حيث يتابع عددٌ من الفضلاء وطلاب العلوم الدينية دراستهم على شكل حلقات للمباحثات، وعلى مستوى المراحل المتقّدمة في الحوزات العلمية في النجف الأشرف وقم المقدسة.
٢ـ تدريس أحكام الفقه والتفسير والعقائد للناطقين باللغة الانكليزية، لغرض تثقيف الإخوة والاخوات الناطقين بغير العربية بالمستوى المناسب من الثقافة الاسلامية، وكذلك تعليم اللغة العربية للراغبين.
كذلك تولى المكتب موضوع الإشراف على بعض رسائل الدكتوراه المقّدمة للجامعات البريطانية أو الاوروبية حول الموضوعات ذات الصلة بالفقه أو العقائد أو التاريخ الاسلامي، وكذلك مساعدة الباحثين والمؤلفين في تزويدهم بالمعلومات الصحيحة وتسهيل مهمتهم في الحصول على المصادر اللازمة.
كما يساهم المكتب بالتعاون مع الأمانة العامة في كثير من المؤتمرات والندوات التي تُعقد في البلاد المختلفة، من أجل اثراء الحوار الهادف وايضاح بعض الجوانب الغامضة أو المشاركة في بيان وتقريب وجهات النظر لدى الباحثين والمفكرين والكتاب حول المواضيع الاسلامية المختلفة وبالخصوص حول آراء مذهب اهل البيت (ع).
كذلك يتولى المكتب مسؤولية توزيع الكتب والنشرات، وتزويد المكتبات والأفراد بالمطبوعات الدورية وكذلك تزويد المسلمين في بريطانيا وأوروبا بوجه عام، بما يحتاجونه من كتب ونشرات دورية سواء على مستوى طلب الافراد أو لتزويد المكتبات العامة في المراكز المختلفة. كذلك التحّدث الى غير المسلمين ممن يريدون التعرف على الاسلام أو على مذهب أهل البيت عليهم السلام، وتزويدهم بالغذاء الفكري الصحيح، والاجابة على شبهاتهم وأسئلتهم في هذا المجال.